كلمة حميد البابور رئيس المجلس الإقليمي لخنيفرة خلال حفل تخليد الذكرى الـ 22 للخطاب الملكي التاريخي بأجدير

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على النبي الأمين،
وعلى آله الطيبين، وصحبه الغر الميامين
• السيد المندوب السامي للمقاومة وأعضاء جيش التحرير؛
• السيدة مستشارة السيد رئيس الحكومة المكلفة بملف الامازيغية؛
• السيد عامل إقليم خنيفرة؛
• السيد ممثل وزارة التضامن والادماج الاجتماعي والاسرة؛
• السيد المدير التنفيذي لصندوق الإيداع والتدبير؛
• السيدات والسادة البرلمانيين؛
• السادة الرؤساء ومنتخبي الجماعات الترابية؛
• السيد رئيس مؤسسة روح أجدير الأطلس؛
• السادة الأساتذة الجامعيين والباحثين؛
• السيدات والسادة ممثلو الهيآت الإدارية والأمنية،
• السادة ممثلو المجتمع المدني ووسائل الإعلام؛
• حضرات السيدات والسادة كل باسمه ومقامه؛
بداية أتوجه أصالة عن نفسي ونيابة عن منتخبي إقليم خنيفرة وفعالياته، بأصدق عبارات الترحيب لهذا الجمع المميز الذي يحضر معنا اليوم، وعلى رأسه السيد المندوب السامي للمقاومة وأعضاء جيش التحرير الذي نشكره على تحمله عناء السفر للتواجد إلى جانبنا، ومشاركتنا تخليد الذكرى الثانية والعشرين لخطاب أجدير التاريخي الذي ينظم تحت الرعاية السامية لسيدنا المنصور بالله جلالة الملك محمد السادس حفظه الله؛ راعي الثقافة والمثقفين؛ الحدث الذي أضحى تقليدا سنويا يتجدد فيه اللقاء مع الأحبة والأصدقاء ،وعرسا نتواصل عبره مع ضيوفنا الكرام لنتقاسم معا أحاسيس العشق والحب والإخلاص لهذا الإقليم العزيز والابي فأهلا وسهلا ومرحبا بالجميع.
كما نغتنم هذه المناسبة الكريمة لنتقاسم مع كل المغاربة الفرحة والارتياح بنيل بلدنا المغرب إلى جانب الجارتين الشماليتين اسبانيا والبرتغال شرف تنظيم بطولة كاس العالم لكرة القدم 2030 وهي البشرى التي ابى الرياضي الأول جلالة الملك محمد السادس نصره الله إلا أن يزفها عبر بلاغ رسمي لشعبه بمجرد إعلان الاتحاد الدولي لكرة القدم عن قراره في هذا الشأن ، فهنيئا لنا جميعا وهنيئا لقائد البلاد جلالة الملك محمد السادس هذا الإنجاز العظيم الذي سيعزز الرصيد الرياضي لهذه الامة ويؤكد مرة أخرى ريادتها الافريقية والعربية. ومما لا شك فيه اننا وكما عودنا العالم أجمع على ذلك سنرفع التحدي ونكون في مستوى هذه التظاهرة القارية التي ستفتح بحول الله آفاقا جديدة للاقتصاد المغربي ونحقق من ورائها مبتغى كل المغاربة التواقين للتطور والازدهار. ندعو الله التوفيق والسداد
حضرات السيدات والسادة؛
إن اختيار جلالة الملك حفظه الله أجدير لإلقاء خطاب هام وتاريخي ينطوي على أبعاد ودلالات عميقة؛ فهذا الموقع بالذات شهد يوم الأربعاء 11 يوليوز 1956 حدث انضمام جيش التحرير إلى القوات المسلحة الملكية والذي أشرف عليه محرر البلاد المغفور له محمد الخامس ،واحتضن احداثا لا تقل أهمية في عهد المغفور له الحسن الثاني طيب الله ثراه ، ليشهد في شهر أكتوبر 2001 حدثا آخر ، شكل منعطفا مهما في تاريخ المغرب المعاصر، وخصوصا بالنسبة للأمازيغية لغة وثقافة؛ فمن هنا ألقى جلالة الملك «خطاب أجدير» ووضع طابعه الشريف لإحداث المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية بتأكيده على أن الأمازيغية تشكل مكونا أساسيا من مكونات الثقافة والهوية المغربية ،ليعزز بذلك الهوية المغربية المتأصلة ،ويدشن ثقافة الدمقرطة اللغوية والثقافية في المغرب، ويمهد لدسترة اللغة الأمازيغية، وجعل الثقافة الأمازيغية تحتل مكانتها في المشهد الثقافي المغربي، في الوقت الذي كانت فيه قبل هذا التاريخ على الهامش المنسي.
ونحن إذ نخلد باعتزاز وافتخار هذا الحدث التاريخي العظيم، نحيي من على هذا المنبر الدينامية الثقافية والاجتماعية التي تعرفها بلادنا والمكانة التي أصبحت تحتلها الامازيغية في مختلف الانشطة الفكرية والتعليمية والثقافية والموسيقية، والدعم المخصص لنشرها وجعلها في متناول الجميع، كما لا أريد أن تفوتني هذه الفرصة دون أن أتقدم بعبارات الشكر والامتنان للسيد عامل إقليم خنيفرة ومساعديه على اسهاماته في هذا المجال، وهو الذي ما فتئ يدعو كل الفاعلين إلى تحمل المسؤولية والمثابرة، والعمل المشترك، ونحن نشكره بالمناسبة على دعمه المتواصل لتحضير جميع الجوانب المتعلقة بهذا الحدث ، كما نعترف له بمجهوداته الموصولة في مجال الاعتناء بالتراث الامازيغي وصيانته وتثمينه للاستفادة منه، موازاة مع مساعيه الحثيثة لتسويق مؤهلات الإقليم في مجال السياحة الجبلية والايكولوجية. في هذا الإطار تدخل الشراكة بين المجلس الإقليمي لخنيفرة ومؤسسة روح أجدير الأطلس لإعداد أنطولوجية الموسيقى الامازيغية للأطلس المتوسط، واتفاقية الشراكة في مجال التنشيط الثقافي والسياحي مع ذات المؤسسة. وتشجيع المبدعين والمثقفين الامازيغ، وجعل التراث والفن الامازيغي رافدا من روافد التنمية المستدامة.
حضرات السيدات والسادة،
إن الاهتمام بتراث وثقافة أجدادنا يعد أحد أهم غاياتنا ومقاصدنا، وبتخليدنا لخطاب أجدير، نسعى إلى جمع آراء وتطلعات المثقفين والأساتذة الباحثين، وإيصال نتاج ثقافتهم في مجال النهوض بالواقع الثقافي الأمازيغي على نطاق أرحب، والسبيل لتحقيق هذه المقاصد والغايات الفضلى يكمن في التآزر والتعاون على الصعيد الشخصي والمؤسساتي، والعمل الجماعي المتحضر.
ومن الجميل، حضرات السيدات والسادة، أن نرى هذا الجمع الراقي من المثقفين والمهتمين بالثقافة والفن الأمازيغي والأساتذة الجامعيين والباحثين في قضايا التاريخ واللغة والسوسيولوجيا والأدب والتنمية، لتبادل الآراء والأفكار، وطرح قضايا اللغة والواقع الثقافي والفني الأمازيغي في ندوات حوارية ومحاضرات على مدار اليومين المخصصين لذلك. ومما لا شك فيه أن التقاء هذه النخب الثقافية والفنية سيدفع عجلة الحراك الثقافي الأمازيغي إلى الأمام، وسيزيد من إشعاع هذا الحدث جهويا ووطنيا.
حضرات السيدات والسادة الافاضل،
إن إحياء ذكرى خطاب أجذير يأتي من تقديرنا جميعا؛ سلطات، ومنتخبين، ومجتمع مدني لحجم ودلالات هذا الحدث التاريخي وخصوصيته القيمة على جميع المغاربة في أبعاده المختلفة، ولكوننا نعتبر الأمازيغية ملكا لكل المغاربة دون استثناء. فإنه من واجبنا جميعا أن نغتنم هذه المناسبة الكريمة لنرصد بعض إشكالات التنمية بالأقاليم الجبلية الامازيغية على اعتبار أن التنمية الحقيقية والمستدامة هي التي تشمل مرتكزات أخرى بأبعاد اجتماعية واقتصادية وبيئية.
إن إقليم خنيفرة الذي يعاني في صمت من هشاشة وضعف مقومات التنمية على مستويات مختلفة وفي مجالات متعددة، يحتاج للمزيد من المشاريع الإنمائية المهيكلة في مختلف القطاعات الاجتماعية والاقتصادية والبنى التحتية؛ ورهان الساعة يتمثل في الاعتناء بساكنة الجبل والمناطق الجبلية من خلال التضامن والتلاحم، والإرادة والجد، فكل جزء من تراب هذه المملكة الشريفة هو لكل المغاربة، وتحديات المستقبل تفرض علينا أن نمضي قدما في إطار سياسة تجعل كل جهة من جهات المغرب مجالاً خصباً، يتيح لكل طاقاته التفتح والنمو والازدهار.
وفي سياق المجهودات التي تبذل للنهوض بهذا الإقليم أسمحوا لي أن أستحضر هنا اسهامات السيد المندوب السامي للمقاومة وأعضاء جيش التحرير، والسيد المدير العام لصندوق الإيداع و التدبير ووزارة التضامن و الادماج الاجتماعي و الاسرة في عدد من المشاريع المهمة والمهيكلة، ونتقدم إليهم بجزيل الشكر والعرفان على تعاطفهم الصادق مع اقليمنا وتجاوبهم الحقيقي مع تطلعاته ، و نحن ممتنون لهم تدخلاتهم الموفقة لإنجاح عدد من اتفاقيات الشراكة نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر اتفاقية شراكة لإحداث وحدة لتثمين الصوف ودعم المرأة الناسجة؛ المشروع الذي تبلغ كلفته الاجمالية 28 مليون درهم، ومشروع بناء المركب السوسيو رياضي والثقافي الذي سيقام هنا بأجدير ، وتبلغ كلفته الاجمالية 40 ملون درهم ،وقد بدأ إنجاز مختلف الدراسات المتعلقة به، وبهذه المناسبة أدعو باقي شركائنا الذين لم يحولوا بعد مساهماتهم المالية لحساب الميزانية الإقليمية إلى المبادرة إلى ذلك للإسراع في تنزيله، ونحن ممتنون لكل الايادي البيضاء على اسهاماتهم في تقوية جاذبية وتنافسية هذا الربع من المملكة الشريفة.
وحقيقة ان إقليم خنيفرة الغني بموروثه الثقافي الامازيغي وبمنتوجاته المجالية وتنوع صناعاته التقليدية المتأصلة وبعنصره البشري الذي يتميز بعفويته، وكرمه، وشراسة مقاومته، وحسِّه الاجتماعي والتضامني، وعشقه للفن، يحتاج لأمثال هذه المشاريع التي من شأنها أن تكون رافعة من رافعات التنمية ستساهم حتما في تطوير اقتصاده الاجتماعي والتضامني، ونريد من خلال هذه المناسبة أن أدعو مختلف القطاعات الاخرى للانخراط في المجهودات الجماعية من خلال إبرام شراكات متعددة تروم إنجاز مشاريع مهيكلة لتقوية البنية التحتية بإقليم خنيفرة وتطوير منظومته الاقتصادية.
ان قوة ايماننا بالمستقبل، تجعلنا أكثر تفاؤلا في استشراف مستقبل أفضل لهذا الإقليم الابي المعتز بانتمائه وهويته، والذي يجدد في كل لحظة وحين انخراطه الايجابي والفعلي لإنجاح مشروعنا التنموي والحداثي تحت القيادة المتبصرة لعاهل البلاد جلالة الملك محمد السادس دام له النصر والتمكين.
في الختام أجدد الشكر لكل الشخصيات والفعاليات التي شرفتنا اليوم بالحضور لمشاركتنا هذه اللحظات المتميزة، كما أتوجه بعبارات الشكر والامتنان لمؤسسة روح أجدير على عملها الدؤوب ونجاحها في تنظيم هذا الحدث ولكل من منحنا ثقته وآزرنا.
نسأل الله أن يديم على هذا البلد الأمين نعمة التآخي والتضامن والتلاحم، ويوفقنا جميعا لتحقيق المزيد من المكتسبات الوطنية في ظل ثوابتنا المقدسة.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.